باب القول في المراسيل
والمرسل ما انقطع إسناده وهو أن يروي عمن لم يسمع منه فيترك بينه وبينه واحد في الوسط فلا يخلو ذلك من أحد أمرين : إما أن يكون من مراسيل الصحابة أو من غيرها فإن كان من مراسيل الصحابة وجب العمل به لأن الصحابة رضي الله عنهم مقطوع بعدالتهم
فصل
وإن كان من مراسيل غيرهم نظرت فإن كان من مراسيل غير سعيد بن المسيب لم يعمل به . وقال مالك وأبو حنيفة رضي الله عنهما يعمل به كالمسند . وقال عيسى بن أبان إن كان من مراسيل التابعين وتابعي التابعين قبل، وإن كان من مراسيل غيرهم لم يقبل إلا أن يكون المرسل إماما
فالدليل على ما قلناه أن العدالة شرط في صحة الخبر والذي ترك تسميته يجوز أن يكون عدلا ويجوز أن لا يكون عدلا فلا يجوز قبول خبره حتى يعلم
فصل
وإن كان من مراسيل ابن المسيب فقد قال الشافعي رضي الله عنه مراسيله عندنا حسن . فمن أصحابنا من قال مراسيله حجة لأنها تتبعت فوجدت كلها مسانيد، ومنهم من قال هي كغيرها وإنما استحسنها الشافعي رضي الله عنه استئناسا بها لا أنها حجة
فأما إذا قال أخبرني الثقة عن الزهري فهو كالمرسل لأن الثقة مجهول عندنا فهو بمنزلة من لم يذكره أصلا
وأما خبر العنعنة إذا قال أخبرنا مالك عن الزهري فهو مسند . ومن الناس من قال حكمه حكم المرسل وهذا خطأ لأن الظاهر أنه سماع عن الزهري وإن كان بلفظ العنعنة فوجب أن يقبل
فصل
وأما إذا قال أخبرني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم فيحتمل أن يكون ذلك عن الجد الأدنى وهو محمد بن عبد الله بن عمرو فيكون مرسلا ويحتمل أن يكون عن جده الأعلى فيكون مسندا فلا يحتج به لأنه يحتمل الإرسال والإسناد فلا يجوز إثباته بالشك إلا أن يثبت أنه ليس يروي إلا عن جده الأعلى فحينئذ يحتج به



Post a Comment