باب القول في حروف المعاني
واعلم أن الكلام في هذا الباب كلام في باب من أبواب النحو غير أنه لما كثر احتياج الفقهاء إليه ذكرها الأصوليون وأنا أشير إلى ما يكثر من ذلك إن شاء الله تعالى فمن ذلك
مَنْ - ويدخل ذلك في الإستفهام والشرط والجزاء والخبر . تقول في الإستفهام من عندك ومن جاءك، وتقول في الشرط والجزاء من جاءني أكرمته ومن عصاني عاقبته، وتقول في الخبر جاءني من أحبه
ويختص بذلك من يعقل دون من لا يعقل
فصل
وأَيٌّ - تدخل في الإستفهام والشرط والجزاء والخبر. تقول في الإستفهام أي شيئ تحبه وأي شيئ عندك، وفي الشرط والجزاء تقول أي رجل جاءني أكرمته، وفي الخبر أيهم قام ضربته
ويستعمل ذلك فيمن يعقل وفيما لا يعقل
فصل
ومَا - تدخل للنفي والتعجب والإستفهام . تقول في النفي ما رأيت زيدا، وفي التعجب تقول ما أحسن زيدا، وفي الإستفهام ما عندك
ويدخل في الإستفهام عما لا يعقل وقد قيل إنه يدخل أيضا لما يعقل كقوله تعالى - والسماء وما بناها
فصل
ومِنْ - تدخل لابتداء الغاية والتبعيض والصلة . تقول في ابتداء الغاية سرت من البصرة وورد الكتاب من فلان، وفي التبعيض تقول خذ من هذه الدراهم وأخذت من علم فلان، وفي الصلة تقول ما جاءني من أحد وما بالربع من أحد
فصل
وإِلٰى - تدخل لانتهاء الغاية كقولك ركبت إلى زيد . وقد تستعمل بمعنى مع إلا أنه لا يحمل على ذلك إلا بدليل كقوله عز وجل - وأيديكم إلى المرافق - والمراد به مع المرافق
وزعم قوم من أصحاب أبى حنيفة أنه يستعمل في معنى مع على سبيل الحقيقة وهذا خطأ لأنه لا خلاف أنه لو قال لفلان علي من درهم إلى عشرة لم يلزمه الدرهم العاشر وكذلك إذا قال لامرأته أنت طالق من واحد إلى ثلاث لم تقع الطلقة الثالثة فدل على أنه للغاية
فصل
والواو - للجمع والتشريك في العطف . وقال بعض أصحابنا هي للترتيب وهذا خطأ لأنه لو كان للترتيب لما جاز أن يستعمل فيه لفظ المقارنة وهو أن تقول جاءني زيد وعمرو معا كما لا يجوز أن يقال جاءني زيد ثم عمرو معا، وتدخل بمعنى رب في ابتداء الكلام كقوله : { ومهمه مغبرة أرجاؤه } أي ورب مهمه، وفي القسم تقوم مقام الباء تقول والله بمعنى بالله
فصل
والفاء - للتعقيب والترتيب . تقول جاءني زيد فعمرو ومعناه جاءني عمرو عقيب زيد وإذا دخلت السوق فاشتر كذا يقتضي ذلك عقيب الدخول
فصل
وثُمَّ - للترتيب مع المهلة والتراخي . تقول جاءني زيد ثم عمرو ويقتضي أن يكون بعده بفصل
فصل
وأَمْ - للإستفهام . تقول أكلت أم لا، وتدخل بمعنى بمعنى أو تقول سواء أحسنت أم لم تحسن
فصل
وأَوْ - تدخل في الشك للخبر . تقول كلمني زيد أو عمرو، وتدخل في التخيير في الأمر كقوله تعالى - إطعام عشرة مساكين من أو سط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم - وقال بعضهم في النهي تدخل للجمع والأول هو الأصح لأن النهي أمر بالترك كالأمر أمر بالفعل فإذا لم يقتض الجمع في الأمر لم يقتض في النهي
فصل
والباء - تدخل للإلصاق كقولك مررت بزيد وكتبت بالقلم، وتدخل للتبعيض كقوله مسحت بالرأس. وقال أصحاب أبي حنيفة رحمه الله لا تدخل للتبعيض وهذا غير صحيح لأنهم أجمعوا على الفرق بين قوله أخذت قميصه وبين قوله أخذت بقميصه فعقلوا من الأول أخذ جميعه ومن الثاني الأخذ ببعضه فدل على ما قلناه
فصل
واللام - تقتضي التمليك . وقال بعض أصحاب أبي حنيفة رحمه الله تقتضي الإختصاص دون الملك وهذا غير صحيح لأنه لا خلاف أنه لو قال هذه الدار لزيد اقتضى أنها ملكه فدل على أن ذلك مقتضاه، وتدخل أيضا للتعليل كقوله عز وجل - لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل - ويدخل للغاية فيه والصيرورة كقوله عز وجل - فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا
فصل
وعَلٰى - للإيجاب كقوله لفلان علي كذا ومعناه واجب
فصل
وفِيْ - للظرف تقول علي تمر في جراب معناه أن ذلك فيه
فصل
ومَتٰى - ظرف زمان تقول متى رأيته
فصل
وأَيْنَ - ظرف مكان تقول أين جلست
فصل
وإِذْ، وإِذَا - ظرف للزمان إلا أن إذ لما مضى تقول أنت طالق إذ دخلت الدار معناه في الماضي، وإذا للمستقبل تقول أنت طالق إذا دخلت الدار ومعناه في المستقبل
فصل
وحَتّٰى - للغاية كقوله تعالى - حتى مطلع الفجر - وتدخل للعطف كالواو إلا أنه لا يعطف به إلا على وجه التعظيم والتحقير تقول في التعظيم جاءني الناس حتى السلطان وتقول في التحقير كلمني كل أحد حتى العبيد، وتدخل ليبتدأ الكلام بعده كقولك قام الناس حتى زيد قائم
فصل
وإِنَّمَا - للحصر وهو جمع الشيئ فيما أشير إليه ونفيه عما سواه تقول إنما في الدار زيد أي ليس فيها غيره، وإنما الله واحد أي لا إله إلا واحد



Post a Comment