باب القول في الخبر المتواتر
اعلم أن الخبر ضربان : متواتر وآحاد . فأما الآحاد فله باب يأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى وبه الثقة
وأما المتواتر فهو كل خبر علم مخبره ضرورة وذلك ضربان : تواتر من جهة اللفظ كالأخبار المتفقة عن القرون الماضية والبلاد النائية، وتواتر من طريق المعنى كالأخبار المختلفة عن سخاء حاتم وشجاعة علي رضي الله عنه وما أشبه ذلك ويقع العلم بكلا الضربين
وقال البراهمة لا يقع العلم بشيئ من الأخبار وهذا جهل فإنا نجد أنفسنا عالمة بما يؤدي إليها الخبر المتواتر من أخبار مكة وخراسان وغيرهما كما نجدها عالمة بما تؤدي إليه الحواس فكما لا يجور إنكار العلم الواقع بالحواس لم يجز إنكار العلم الواقع بالأخبار
فصل
والعلم الذي يقع به ضروري وقال البلخي من المعتزلة العلم الواقع به الكتاب وهو قول أبي بكر الدقاق وهذا خطأ لأنه لا يمكن نفي ما يقع به من العلم عن نفسه بالشك والشبهة فكان ضروريا كالعلم الواقع عن الحواس
فصل
ولا يقع العلم الضروري بالتواتر إلا بثلاث شرائط : إحداها أن يكون المخبرون عددا لا يصح منهم التواطؤ على الكذب وأن يستوي طرفاه ووسطه فيروي هذا العدد عن مثله إلى أن يتصل بالمخبر عنه. وأن يكون الخبر في الأصل عن مشاهدة أو سماع
فأما إذا كان عن نظر واجتهاد مثل أن يجتهد العلماء فيؤديهم الإجتهاد إلى شيئ لم يقع العلم الضروري بذلك ومن أصحابنا من اعتبر أن يكون العدد مسلمين ومن الناس من قال لا يجوز أن يكون العدد أقل من اثني عشر ومنهم من قال أقله سبعون ومنهم من قال ثلاثمائة وأكثر وهذا كله خطأ لأن وقوع العلم به لا يختص بشيئ مما ذكروه فسقط اعتبار ذلك



Post a Comment