الحمد لله المنزه عن سمات الحدوث والألوان والكيفيات وأشهد أن لا إله إلا الله الغني عن كل ما سواه والمفتقر إليه كل شيئ في سائر الأوقات وأشهد أن سيدنا محمدا سيد المخلوقات والصلاة والسلام على رسول الله صاحب الحوض والشفاعات وعلى آله المفضلين على سائر الأمم وأصحابه الفائزين بأنواع الخيرات والنعم
أما بعد فهذا شرح على رسالة العلامة الباجوري في التوحيد سميته تيجان الدراري في شرح رسالة الباجوري وقد سئلت فيه فأنا أشرع راجيا الإنتفاع به وعود البركة من ذلك الشيخ لي ولكل قارئ وسامع ومطالع
بسم الله الرحمن الرحيم فاسم الجلالة دل على الذات الجامعة لصفات الإلهية كلها والرحمن هو كثير الرحمة لعباده بالستر في الدنيا والرحيم هو كثير الرحمة لهم بالغفران في العقبى فللعبد أن يلاحظ من الله قدرته ومن الرحمن نعمته ومن الرحيم عصمته من الذنوب ومغفرته
الحمد لله رب العالمين أي مالك السموات والأرض ومعبود من فيهما
والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله معنا هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فإنه صار علما بالغلبة على تلك الذات الشريفة
وبعد أي بعد البسملة والحمدلة والصلاة على رسول الله
فيقول فقير رحمة ربه الخبير أي العليم ببواطن الأمور البصير أي الذي يبصر ما تحت الثرى ومدرك المبصرات حال وجودها إبراهيم بن محمد الباجوري نسبة إلى باجور بلدة من بلاد مصر ذو التقصير وهو شيخ العلماء في الأزهر سقى الله قبره بالرحمة والرضوان
طلب مني بعض الإخوان أصلح الله لي ولهم الحال والشان أن أكتب له رسالة أي كتابا صغيرا لطيفة أي ظريفة فالضمير الأول راجع للمضاف إليه والثاني للمضاف وجمع المصنف الضمير الأول لتعميم الدعاء وأيضا الضمير راجع للمضاف إلا إذا كان لفظ كل أو بعض فيرجع للمضاف إليه كما هنا وأفرد ثانيا لتخصيص الطالب
تشتمل أي الرسالة على صفات المولى أي الثابتة له والسالبة عنه ما لا يليق به وأضدادها أي منافيها وما يجوز في حقه تعالى وعلى ما يجب في حق الرسل وما يستحيل في حقهم وما يجوز
فالواجب هو الذي لا يمكن عدمه وذلك كذاته تعالى والتحيز للجرم أي ممانعته على القدر المأخوذ من الفراغ أي منعك الغير من أن يحل في مكانك وكاتصاف الجرم بأحد الحركة والسكون
والمستحيل هو الذي لا يمكن وجوده كالشريك لله وخلو الجرم عن الحركة والسكون معا
والجائز هو الذي يمكن وجوده وعدمه كتعذيب المطيع الذي لم يعص الله تعالى طرفة عين وكاتصاف الجرم بعين أحد الحركة والسكون
فأجبته أي بعض الإخوان إلى ذلك أي كتب الرسالة فقلت وبالله التوفيق أي خلق الطاعة
يجب على كل مكلف من ذكر وأنثى ولو من العوام والعبيد والخدم وجوبا عينيا أن يعرف ما يجب في حقه تعالى وما يستحيل وما يجوز قال الله تعالى فاعلم أنه لا إله إلا الله
والمعرفة هو إدراك جازم بحيث ليس معه تردد موافق لما في الواقع ناشئ عن دليل
ويجب شرعا على من ذكر وجوبا عينية معرفة كل عقيدة بدليلها الإجمالي وأما معرفتها بدليلها التفصيلي ففرض كفاية فيجب على أهل كل ناحية يشق الوصول منها إلى غيرها أن يكون فيهم من يعرفها بالدليل التفصيلي لأنه ربما طرأت فيهم شبهة فيدفعها
والدليل الإجمالي هو المعجوز عن تفسيره ودفع شبهه فإذا قيل لك ما الدليل على وجوده تعالى فقلت العالم ولم تعرف جهة الدلالة هل هي حدوثه أو إمكانه أو هما أو عرفتها ولم تقدر على فك الشبهة فهو دليل إجمالي
وأما إذا عرفت جهة الدلالة وقدرت على رد الشبهة فهو دليل تفصيلي كما إذا قيل لك ما الدليل على وجوده تعالى فقلت العالم وقدرت على تصوير هذا الدليل وعرفت جهة الدلالة فيه وقدرت على فك شبهه ويقوم مقام معرفته العقائد بالدليل معرفتها بالكشف
إعلم أنه يجب شرعا على كل مكلف أن يعرف جميع ما يجب في حقه تعالى وجميع ما يستحيل عليه تعالى وجميع ما يجوز في حقه تعالى
فما قامت الأدلة العقلية أو النقلية عليه إجمالا وهو وجوب اتصافه تعالى بسائر الكمالات ووجوب تنزهه عن سائر النقائص وجبت معرفته إجمالا
فيجب علينا أن نعتقد أن له تعالى كمالات لا نهاية لها من جهة العدد في نفس الأمر قال الله تعالى ولا يحيطون به علما
وما قامت الأدلة العقلية أو النقلية عليه تفصيلا تجب معرفته تفصيلا وهو العشرون صفة وأضدادها



Post a Comment