ويجب في حقهم عليهم الصلاة والسلام الأمانة وهي حفظ ظواهرهم وبواطنهم من التلبس بمنهي عنه ولو نهي كراهة أو خلاف الأولى
فهو معصومون عن جميع المعاصي المتعلقة بظاهر البدن كالزنا وشرب الخمر والكذب وغير ذلك من منهيات الظاهر
ومعصومون عن جميع المعاصي المتعلقة بالباطن من الحسد والكبر والرياء وغير ذلك من منهيات الباطن
والمراد المنهي عنه ولو صورة فيشمل ما قبل النبوة وما في حالة الصغر ولا يقع منهم مكروه ولا خلاف الأولى بل ولا مباح على وجه كون ذلك مكروها أو خلاف الأولى أو مباحا وإذا وقع صورة ذلك منهم فهو للتشريع فيصير واجبا أو مندوبا في حقهم
فأفعالهم عليهم الصلاة والسلام دائرة بين الواجب والمندوب بل في الأولياء الذين هم أتباعهم من يصل إلى مقام تصير فيه حركاته وسكناته طاعات بالنيات
وضدها الخيانة
والدليل على ذلك أي وجوب الأمانة لهم أنهم لو خانوا أي خالفوا أمر الله تعالى بفعل محرم أو مكروه أو خلاف الأولى لغير التشريع لكنا مأمورين بمثل ذلك أي ما يفعلونه
والمراد بالفعل ما يعم فعل اللسان وهو القول وفعل القلب لأن الله تعالى أمرنا باتباعهم في أفعالهم وأقوالهم وأحوالهم من غير تفصيل ما عدا ما ثبت اختصاصهم به وما عدا الأمور الجبلية كالقيام والقعود والمشي فإنا لم نؤمر بالإتباع في ذلك
ولا يصح أن نؤمر بمحرم أو مكروه أو خلاف الأولى لأن الله تعالى لا يأمر بالفحشاء فتعين أنهم لا يفعلون إلا الطاعة إما واجبة أو مندوبة فلا تكون أفعالهم محرمة أو مكروهة ولا خلاف الأولى
فأفعالهم دائرة بين الواجب والمندوب ولا يدخلها المباح لأنهم إذا فعلوه يكون لبيان الجواز والتشريع وهو إما واجب أو مندوب
وهذه الحجة سمعية أو شرعية وإن كانت على صورة الدليل العقلي لأن دليل الملازمة شرعي وهو قوله تعالى قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني وأن بطلان التالي بدليل شرعي وهو قوله تعالى إن الله لا يأمر بالفحشاء
بخلاف الحجة على وجوب صدقهم فإنها عقلية ولذا قال السنوسي ويستحيل عليهم الكذب عقلا والمعاصي شرعا



Post a Comment