Kitab Tijan Darory: Sifat Amanah
ويجب في حقهم عليهم الصلاة والسلام الأمانة وهي حفظ ظواهرهم وبواطنهم من التلبس بمنهي عنه ولو نهي كراهة أو خلاف الأولى
فهو معصومون عن جميع المعاصي المتعلقة بظاهر البدن كالزنا وشرب الخمر والكذب وغير ذلك من منهيات الظاهر
ومعصومون عن جميع المعاصي المتعلقة بالباطن من الحسد والكبر والرياء وغير ذلك من منهيات الباطن
والمراد المنهي عنه ولو صورة فيشمل ما قبل النبوة وما في حالة الصغر ولا يقع منهم مكروه ولا خلاف الأولى بل ولا مباح على وجه كون ذلك مكروها أو خلاف الأولى أو مباحا وإذا وقع صورة ذلك منهم فهو للتشريع فيصير واجبا أو مندوبا في حقهم
فأفعالهم عليهم الصلاة والسلام دائرة بين الواجب والمندوب بل في الأولياء الذين هم أتباعهم من يصل إلى مقام تصير فيه حركاته وسكناته طاعات بالنيات
وضدها الخيانة
والدليل على ذلك أي وجوب الأمانة لهم أنهم لو خانوا أي خالفوا أمر الله تعالى بفعل محرم أو مكروه أو خلاف الأولى لغير التشريع لكنا مأمورين بمثل ذلك أي ما يفعلونه
والمراد بالفعل ما يعم فعل اللسان وهو القول وفعل القلب لأن الله تعالى أمرنا باتباعهم في أفعالهم وأقوالهم وأحوالهم من غير تفصيل ما عدا ما ثبت اختصاصهم به وما عدا الأمور الجبلية كالقيام والقعود والمشي فإنا لم نؤمر بالإتباع في ذلك
ولا يصح أن نؤمر بمحرم أو مكروه أو خلاف الأولى لأن الله تعالى لا يأمر بالفحشاء فتعين أنهم لا يفعلون إلا الطاعة إما واجبة أو مندوبة فلا تكون أفعالهم محرمة أو مكروهة ولا خلاف الأولى
فأفعالهم دائرة بين الواجب والمندوب ولا يدخلها المباح لأنهم إذا فعلوه يكون لبيان الجواز والتشريع وهو إما واجب أو مندوب
وهذه الحجة سمعية أو شرعية وإن كانت على صورة الدليل العقلي لأن دليل الملازمة شرعي وهو قوله تعالى قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني وأن بطلان التالي بدليل شرعي وهو قوله تعالى إن الله لا يأمر بالفحشاء
بخلاف الحجة على وجوب صدقهم فإنها عقلية ولذا قال السنوسي ويستحيل عليهم الكذب عقلا والمعاصي شرعا