ويجب في حقه تعالى السمع والبصر وهما صفتان قديمتان قائمتان بذاته تعالى ينكشف بهما الموجود من ذوات وأصوات وألوان وغيرها وتعلقهما تعلق انكشاف كتعلق العلم
ويجب علينا أن نعتقد أن الإنكشاف الحاصل بالسمع غير الإنكشاف الحاصل بالبصر وأن الإنكشاف الحاصل بكل منهما غير الإنكشاف الحاصل بالعلم
وإن لكل من الإنكشافات الثلاثة حقيقة يفوض علمها إلى الله تعالى وليس الأمر على ما نعهده من أن البصر يفيد بالمشاهدة وضوحا فوق العلم بل جميع صفاته تعالى تامة كاملة يستحيل عليها الخفاء والزيادة والنقص غير ذلك
فهو تعالى لا يعزب عن سمعه موجود وإن خفي ولا يغيب عن بصره شيئ وإن دق ولا يدفع سمعه بعد ولا يحجب رؤيته ظلام يسمع تعالى من غير أصمخة وآذان ويرى من غير حدقة وأجفان كما يعلم بغير قلب ويبطش من غير جارحة ويخلق بغير آلة إذ لا تشبه صفاته صفات الخلق كما لا تشبه ذاته ذوات الخلق
واعلم أن للسمع والبصر ثلاثة تعلقات تنجيزيا قديما وهو التعلق بذات الله تعالى وصفاته وصلاحيا قديما وهو التعلق بنا قبل وجودنا وتنجيزيا حادثا وهو التعلق بنا بعد وجودنا فالتعلق متحد والصفة متعددة حقائقهما متغايرة
وضدهما أي السمع والبصر الصمم والعمي
والدليل على ذلك أي ثبوت السمع والبصر له تعالى سمعي وهو قوله تعالى وهو السميع البصير وقوله تعالى والله بصير بما تعملون وقوله صلى الله عليه وسلم اربعوا على أنفسكم في الدعاء فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنكم تدعون سميعا قريبا مجيبا
ومعنى اربعوا على أنفسكم أي اشفقوا عليها بمعنى لا ترفعوا أصواتكم بالدعاء
وقد أجمع أهل الملل والأديان على أنه سميع بصير وأيضا لو لم يتصف سبحانه وتعالى بالسمع والبصر لزم أن يتصف بالصمم والعمي لكن اتصافه بهما باطل لأنهما صفتا نقص والنقص عليه تعالى محال فبطل ما أدي إليه فثبت له السمع والبصر



Post a Comment